Fashion

سارة أحمد في شتاء 2025/2024 على غلافنا مجدداً و رحلة من المغامرات كما تعودنا عليها.

عندما نتحدث عن د. سارة أحمد “عرابة المجلة” منذ انطلاقة المجلة لا يمكننا أن نتغاضى عن الدور التي تقدمه لنا في كل تعاون بيننا. ففي كل جانب من حياة هذه المجلة كانت روحها حاضرة دعما و تشجيعا بالرغم من كل ما نواجهه كمجلة موضة جديدة. نتذكر معا اول لقاء رقمي بيننا وكمية الدعم والتشجيع والكلام الجميل و الطاقة الإيجابية التي مدتنا بها وهذا كان دافع مهم لما نحن فيه اليوم.

تألقت سارة على غلافنا في السابق مرتين و هذه هي المرة الثالثة التي يجمعنا فيها تعاون مشترك من بعد التغييرات التي أستحدثناها في المجلة. جلسة التصوير تمت في كندا اثناء تواجدها هناك لأنجاز بعض المشاريع المتعلقة بعملها في الدعم الاقتصادي والمستدام و تطوير المرأة والمجتمع. سارة بالنسبة لنا تحفة فنية عراقيه ولكن بنكهة فرنسية جذابة تروي حكايات من المشاعر و الأفكار و الذكريات و التجارب التي لابد لنا من الغوص فيها لنعرف معنى الكفاح والنجاح والوصل إلى مراتب قيادة مؤثرة.

تدعونا في كل حوار الى عالمها الذي تتداخل به مشاعر العطاء والفن و الموضة و النجاح؛ دكتورة سارة أحمد هي خليط أشبه بقصص الكارتون ولكن هي ليست ألس في بلاد العجائب و لا هايدي فتاة الحقل! هي سارة أحمد بكل أختصار.

وصلت سارة الى الاستوديو كعادتها بثيابها البسيطة الممتزجة بالغرابة التي تعكس جماليتها و طريقتها المتفردة. سارة تغرد خارج مفهوم الاحتشام النمطي، تأخذنا ما بين الكلاسيكية و العصرية بلمحة ممتزجة بفكر فرنسي جذاب. كانت سارة متحمسة للغاية اثناء قيامنا بهذه الجلسة لكي نظهر صورة مختلفه و لون جديد عما سبق. كل مرة تطل سارة على غلاف مجلتنا تكون اطلالتها مغايرة عن السابق وصادمة نوعا ما، خاصة لمحبيها ومتابعين مسيرتها القيادية والشخصية. ففي المرة الأولى كانت سارة تضج بالالوان و روح الإيجابية تظهر لنا جانب من شخصيتها التي نحب، لتتقمس في المرة الثانية جانب آخر من شخصيتها الفريدة وتظهر بطريقة مختلفة. ولكن هذه الجلسة كانت تعكس هوية أخرى تكمن في داخلها؛ هوية الامرأة الفذة، القيادية الامعة. خلال حوارنا مازحناها بلقب “مدونة موضة” كما نفعل دوما، لترد هذه المرة قائلة: “مدونة موضة! أنا بكل بساطة سارة تستهويني الموضة مثلما تستهوي اي إنسان مهتم بأن يعبر عن ذاته بشكل معين. ولكنني أعبر عنها بمفهومي الخاص، تستهويني الوان معينه. ولكن لست مثل الكثيرون فأنا أميل احيانا الى طابع الفنتج و الأزياء الواعية والمستدامة والابتعاد الكلي عن فكرة الموضة السريعه.”.

الايمان و الصدق و العزيمة, قيمٌ ثلاث في حياة سارة أحمد, تعتبر الأساس في الكثير من الأمور. وبرأيها الصدق أساس الحياة وأساس مهم لكل العلاقات الانسانية. أما العزيمة فهي العجلة التي تضمن للإنسان الأستمرار ومواجهة التحديات. سارة الفتاة العراقية التي ولدت في بغداد و ترعرعت بين ثنيات تاريخها، حظيت بتربية خاصة فهي لم تكن كغيرها من الأطفال او الفتيات فهي عايشت المسؤولية منذ صغرها. الدراسة والتفوق العلمي كان من اهم الركائز التي نشأت عليها سارة كما هو حال الكثير من الأطفال العراقين، شخصيا كانت ترى الدراسة مسؤولية وعليها أيجازها على اكمل وجه. حتى بعد أن أنهت دراستها في مجال طب الأسنان كانت تعمل كالجندي الذي يحارب على جبهات القتال؛ فالشهادة بالنسبة لها أنتصاراً تحققه لنفسها ولعائلتها وللمجتمع. انخرطت سارة في العمل الإنساني صغيرة واستهوتها المشاريع الانسانيه خلال دراستها، فأصبح عملها ودراستها وجهان لعملة واحدة منذ عمر صغير. خلال بحثنا عن تاريخ الدكتورة سارة في العمل الإنساني، وجدنا فديو للدكتورة سارة تقول فيه: “سوف اغير العالم.” ضحكت سارة عندما قلنا لها، ماذا تعني لك هذه الجملة؟ وقالت: “هاجس الأنسانية والتغير كان يرافقني دائما ومنذ طفولتي. لا ادري لمذا ولا ادري كيف. وأفكر دوما بمشاكل المجتمع وكيفية حلها؟ وماهي أهمية تقديم مساعدة مرة واحدة او مرات متعددة؟ وكيف بامكاننا ان نجد حلول مستدامه، حلول جذرية، حلول حقيقة .”. تستكمل سارة حديثها : “منذ أن انطلقت بمشروعي ومسيرتي المهنية وأنا اطمح بان أصنع حلول وافكار نصل بها إلى الاستدامة والى واقع اقتصادي وانساني مجدي.”.

سارة في حديثها عن التمكين، الاقتصاد، الاستدامة، وحديثها عن الإنسانية يصعب علينا أستوقافها فهي تنطلق بكل حماس في الحديث عن رؤيتها، أهدافها وتطلعاتها. حاولنا أن نمحور حديثنا معها عن الموضة، وهو امر صعب للغاية؛ ولكن وجب علينا ان نلتفت إلى دكتورة سارة القيادية، التي وصلت إلى العالميه وعملت مع منظمات وشركات في كل أنحاء العالم كادارة عامة، شريك نجاح، او مستشار. كيف تمثل نفسها وتمثل العراق في هذه المراكز بأناقة ولباقة وطريقة ظاهرية جذابة. لنستدرجها مرة اخرى للحديث عن الموضه.

فعندما نستذكر اسماء فتيات عراقيات نجحن في مجالهن داخل عالم الموضة و الجمال وريادة الأعمال كـ ديما الأسدي، او منى القطان بالتحديد. نرى الفخر الذي يعايشها فهي ترى بأن صورة النساء العراقيات الناجحات هي صورة لكل فتاة او امرأة حيث تقول : “دعمنا لبعض البعض كعراقيات يجعل أستمرارنا في المنافسة عربيا و حتى عالمياً موجود وواقع حال. لا اكف عن تشجيعي لكل موهبة عراقية؛ فانا مؤمنة بأن النساء لابد ان يكونوا السند الاول لبعضهن البعض. وأحاول واتمنى ان هذا التشجيع لا يكون فقط للشخص نفسه وانما يصنع خارطة طريق ونقطة وصل واستثمار نجاح في شخصيات ومواهب أخرى ويكون العراق سباق في كل المجالات.”.

كان لدينا سؤال لها عن مفهوم الموضة من وجهة نظرها فقط لأنها ترفض ان تقدم اي رأي قوي عن الموضة عموما ولكنها قالت : “كأي امرأة او انسان أهتم بالموضة و الازياء. هذا الاهتمام يناسب طبيعتي وكثيراً ما أفضل أن تكون رؤيتي واضحة وتعكس شخصيتي وفكري.”. و تستكمل حديثها قائلة: “أسلوبي في مظهري هو مزيج بين البساطة و ماهو خارج الصندوق وما متعارف عليه؛ يمكن ارتدائه في أي مناسبة ويجب ان يكون متواضع وفضفاض غالبا.” وتعقيباً على ما تحدثت به، الراحة هي الخيار الافضل لسارة و تشرح لنا هذا الأمر حيث تقول : “اتعايش مع كل قطعة اختارها لخزانة ملابسي، فما اقتني هو ليس فقط قطعه لمجرد ارتدائها مرة أو لربما مرتين، بل أحاول أن تكون هذه القطعة مكملة لشخصية سارة، وبالضروره تكون قطعه ممكن ارتدائها مدى الحياة.” وتضيف، “… أو إلى ان تأخذها صديقتي، او أتبرع بها لاحد ما.”. وبعد عدة ضحكات وقصص تحدثنا عنها بما يخص الصديقات والأخوات اللواتي يسرقن من خزاناتنا، تحدثنا سارة عن اسلوبها في التسوق حيث تقول: “أن الازياء تختلف بالنسبة لي على مر الفصول, الا ان اختيار الملابس يعتمد بالمرتبة الاولى على النوعية لا الكمية و أختيار القطع المتعددة الاستخدام التي يمكن تنسيقها بأساليب متنوعة. لا اشجع التسوق فقط لمتعة التسوق، ولكن يجب ان يكون فقط للحاجة.”. ما لفت نظرنا ان لسارة قاعدة اساسية عند تنسيق ملابسها لخصتها بقولها: “لا أمزج أكثر من ثلاث الوان مع بعض إلا ماندر.”. استذكرنا حوارنا الاول معاها قبل سنوات عدة في العدد الاول لمجلتنا عندما ذكرت سارة ان والدتها كانت تناديها بال—”زرزور منقش.” بسبب كثرة اللوان التي تمزجها معا عند تنسق ملابسها. ضحكت سارة وقالت: “مع الاسف لوني المفضل هو الأسود ومشتقاته… مما يحزن امي الان.” تضحك وتكمل “ولكني احب الأبيض والبيج والأزرق وكل اللوان نظريا وليس عمليا.”.

عند انتهائنا من جلسة التصوير غادرت سارة الى منزلها مسرعة لتبدأ التحضيرات لرحلتها القادمة. هذه المرة ستنطلق سارة في مغامرة جديدة الى دولة كينيا في القارة الأفريقية لأول مرة مدعوة للمشاركة في مؤتمر يجمع دول شرق وغرب أفريقيا لتشارك تجربتها في صناعة السلام والتمكين وكيفية استخدام المشاريع للمساعدة في دمل الجروح والآثار النفسية التي تصنعها الحروب والفواجع. هناك الكثير من الخبرات و التجارب التي ستقدمها سارة للنساء خصوصا والجميع عموما في كينيا ولكل الدول الافريقيه المشاركة وممثليها. هذه الخطوة دفعتني لسؤالها عن ما يمنحها النساء اللواتي تعمل على تمكينهم فتقول: “كل شخص قابلته في رحلتي كان جزء مهم من قصتي اليوم. كانوا جميعا ملهمين لي ودافع جبار للاستمرار إلى الأمام. الصبر، الامل، الثقة، والرضى؛ صفات اجدها في الكثير من الشخصيات التي مرت في تجربتي العملية والشخصية. شاركت الكثير منهم تفاصيل حياتهم؛ حزنا كان بامكاني مساعدتهم لتخلص منه او فرحاً اشاركهم تفاصيله؛ هذه الخلطة من المشاعر تعني لهم الكثير وتعني لي الأكثر. فهي لاتقدر بثمن.”

وعن رحلتها إلى كينيا، شاركت الدكتورة سارة مع متابعيها على منصة إنستغرام تعليقًا ملهمًا قالت فيه: “نحن هنا لنبادل المعرفة حول التمكين الاقتصادي، كركيزة أساسية لبناء سلام مستدام.” السلام ليس مجرد حلم يرافق الدكتورة سارة في مسيرتها، بل هو رؤية تحرص على تحويلها إلى واقع ملموس بكل تفاصيلها، من خلال عملها الدؤوب لإحداث تغيير حقيقي في العالم.

حوار : ميري ستيف

You may also like...