انطلقت فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بعرض فيلم “ضي” للمخرج كريم الشناوي، الذي اختير ليكون شريط الافتتاح في هذه الدورة المميزة. تبدأ رحلة الأبطال الأربعة من أسوان، مرورًا بالقاهرة، مع تحديات غير متوقعة، وصولًا إلى جدة حيث عُرض الفيلم لأول مرة.
يقدم الفيلم قصة إنسانية تُظهر رحلة البحث عن الأمل ومواجهة التحديات. تدور الأحداث حول “ضي”، الشاب النوبي الذي يُعاني من اضطراب نادر يُعرف بـ “الألبينو”. هذا المرض جعله الوحيد ببشرته البيضاء في قريته المليئة بالوجوه السمراء، ما جعله مُستهدفًا من التنمر المجتمعي. يعيش ضي مع والدته وشقيقته، وتمثل موهبته في الغناء تعبيرًا عن ألمه وتطلعاته.
في سياق العمل، يُظهر الفيلم معاناة ضي الذي يُشارك في اختبار “ذا فويس” بمدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة. الرحلة التي تبدأ من أسوان باتجاه القاهرة تُواجه العديد من التحديات، حيث تكون الأم خائفة من مخاطر المغامرة، وتظهر الغيرة بين الأخت والأم، بينما تُحاول مدرّسة ضي إيجاد أمل له. الرحلة تأخذهم إلى مدن مثل الأقصر وقوص عبر النيل، ومع ذلك يُواجه الأبطال تحديات تُبطل خططهم.
نجح المخرج كريم الشناوي والمؤلف هيثم دبور في تقديم تجربة إنسانية تركز على العديد من الرسائل المُهمّة. وبفضل التوليفة المتقنة من التصوير الجمالي بفضل مدير التصوير عبد السلام موسى، أضفى العمل مشاهد بصرية تُظهر روعة المناطق المصرية مثل الأقصر.
ضمن هذا السياق، ظهر عدد كبير من ضيوف الشرف الذين أضافوا نكهة فنية مميزة للفيلم، ومن أبرزهم محمد منير بشخصيته الحقيقية، أحمد حلمي بدور عامل مطافي، محمد شاهين في دور محصل القطار، محمد ممدوح في دور “يوأنس”، عازف العود، وتامر نبيل الذي لعب دور سائق ميكروباص، إلى جانب صبري فواز في دور صاحب أسطول مراكب نيلية. كما شاركت أمينة خليل ولميس الحديدي، وعدد آخر من النجوم في ظهورهم كضيوف شرف.
استغرق اختيار بطل الفيلم “ضي”، الذي يجسده الشاب بدر محمد، أكثر من عام ونصف، نظرًا للبحث الدقيق عن ممثل يُعاني من اضطراب الألبينو وفي ذات الوقت يمتلك موهبة التمثيل. بالإضافة إلى ذلك، نجحت الممثلة السعودية أسيل عمران في تجسيد دور “صابرين” بموهبة لافتة، كما أدت باللهجة الصعيدية في أول تجربة لها بالسينما المصرية.
أما دور الأم فقد أدته الممثلة السودانية إسلام مبارك، المعروفة بأدائها في فيلم ستموت في العشرين. بينما قدمت حنين سعيد دور الأخت في أداء جيد أضاف عمقًا للعمل، مع وجود تناغم واضح بين الأربعة أبطال، وهو ما يُحسب للمخرج كريم الشناوي.
يستعرض الفيلم قضايا اجتماعية مهمة مثل التنمر، الطائفية، العنوسة، مصابي الحروق، وفوضى السوشيال ميديا. تُقدم هذه القضايا بأسلوب سلس بعيد عن التصعيد المُفرط، مما يجعل المشاهد يُفكر في هذه الموضوعات وهو ينغمس في رحلة الأمل التي يخوضها الأبطال.
في النهاية، يمنح فيلم “ضي” المشاهد جرعة من الطاقة الإيجابية مع ختامه، حيث يُظهر الأمل المنتصر عبر رحلة الشجاعة والسعي نحو الضوء بعد التحديات التي واجهت ضي وأسرته. بين المشاهد المبهرة والأداء المتقن، يُقدم الفيلم تجربة تجمع بين المتعة الفنية والتأمل العميق.
