Fashion

جان بيير خوري .. مبدع من لبنان

جان بيير خوري مصمم لبناني بدأ مشواره مع عالم الازياء بثقة و أدراك شديد بأن يوظف موهبته في العالم الذي نشأ فيه و ترعرع منذ صغره, صعد سلم النجاح منفرداً بأسلوبه الذي ابتعد فيه عن كل ما هو مألوف راسماً لنفسه مساراً خاص في عالم تتغلب فيه وتيره السرعة.  ” لطالما كانت الموضة جزءًا لا يتجزأ من هويتي، تنبض في أعماقي وتعكس شغفي الإبداعي منذ الصغر. ” بهذه الكلمات يعرف المصمم اللبناني جان ببير خوري الموضة و يضيف قائلاً :” منذ طفولتي و أنا محاط بعالم التصميم و الأقمشة في مشغل والدتي نشأت ” ترعرع جان في مجتمع والدته الذي كان محاط بفن الازياء وكان ينتبه جداً الى أدق التفاصيل في فن التصميم. هذا العالم هو ما صنع له مستقبله فيقول :” والدتي، المصممة والخياطة، رسمت ملامح مساري المهني دون قصد. وبمجرد أن بلغت العمر الذي يسمح لي باختيار مستقبلي، كان القرار قد اتُّخذ بالفعل—فالقدر كان قد حسم أمري نحو عالم الأزياء.”

يتحدث لنا جان بيير  عن الالهام في حياته لا سيما الذي يستمده منذ صغره  حيث قال :” استمددت إلهامي الأول من ساعاتٍ لا تُحصى من متابعة قناة Fashion TV التي كانت حاضرة دائمًا في مشغل والدتي وفي منزلنا. كنت مأخوذًا بجمال التصاميم قبل أن أعرف حتى أسماء مبدعيها .” فالإلهام هو حجر الأساس في حياة أي مصمم أزياء وهذا ما يؤمن به جان ،فعلى حد قوله نستنج من رؤيه بأن الالهام هو  الشرارة التي تحوّل الأفكار إلى تصاميم تنبض بالحياة وتعكس رؤية إبداعية فريدة. بدون الإلهام، تصبح الأزياء مجرد قطع من القماش بلا روح أو هوية فالكثير من الدراسات تؤكد المصممون الذين يمتلكون رؤية واضحة ومصدر إلهام قوي هم الذين يتركون بصمتهم في عالم الموضة. فالإلهام لا يقتصر على مجرد فكرة عابرة، بل هو المحرك الأساسي لتطوير الهوية الفنية للمصمم, ومن المصممين الذين أثروا في حياة جان العملية قال :” إذا كان عليّ اختيار ثلاثة مصممين أثروا في مسيرتي، فسيكون تييري موغلر في المقدمة، خصوصًا بعروضه الراقية التي لا تُنسى، يليه فيرساتشي، الذي يتجلى بريقه الجريء في بصمتي الإبداعية، ثم لاحقًا ألكسندر ماكوين، بأسلوبه المتمرد وسرده العاطفي العميق. كان أول عرض شاهدته لماكوين هو Savage Beauty، لحظة غيّرت رؤيتي للموضة إلى الأبد.”

ومن مصادر الالهام التي يتغذى خيال جان بها ذكر لنا قائلاً:” تتسم عملية الإبداع لديّ بالتطور المستمر، حيث بدأت رحلتي في التصميم مع الموسيقى كمصدر إلهامي الأول، إذ كان لكل نغمة تأثيرها الخاص في رسم ملامح مجموعة جديدة. ولكن مع مرور الوقت، توسعت آفاق الإلهام لديّ لتشمل مصادر أكثر تنوعًا، فأحيانًا أجد إلهامي في الأشخاص، وأحيانًا أخرى في التعاونات الفنية.” و يستكمل حديثه عن الالهام الابداعي في حياته وكيف استطاع ان يتجدد بطرحه حيث يقول :”  لا أتقيد بمواضيع ثابتة، لأنني أبحث دائمًا عن التجدد وأشعر بالملل بسرعة من التكرار. لذا، تعكس مجموعاتي حالتي الذهنية في كل مرحلة، سواء كانت جريئة ومفعمة بالحيوية، أو غامضة ومكثفة، أو حالمة وخفيفة.”

و ان لاحظنا فان جان يعمل بأيقاع هادي ولكن تصاميمه تفجر هذا النجاح و في كل مرة يقدمه مجموعته التي تشغل حيزاً مهم في عالم الموضة و يواصل تصدير فكرة المصمم العربي الخلاق للأبداع عابراً للحدود وأن كررنا رؤية مسيرته فأن جان لم يكن أسيراً لرؤية ثابتة أو نمط معين بل العكس كانت تصاميمه تحرص على تقديم هوية متفردة خاصة فيه في عالم لا توجد فيه حدود لفكرة معينة و في سؤالنا عن كيفية وصف لمساته في عالم الموضة قال :” هويتي جريئة، مثيرة، ومتألقة.” ويبدو أن الطريق الذي اختاره جان بيير خوري كانت طريقة ذهبية  فقد حفلت بتميز و قدم تصاميم تترجم ذاتها و تترجم إحساسه و بالحديث عن مجموعاته الأخيرة قال لنا :” كانت مجموعتي الأخيرة مختلفة تماماً عن بعضها البعض. الأولى، “أردور” — وهي كلمة لاتينية تعني “الشغف” — وُلدت من فترة مظلمة في حياتي. شعرت بالضياع والغضب والإحباط، وهو ما تجسد في الألوان الداكنة، والتصاميم الفوضوية، والعناصر المتناقضة. كانت مشاعر خامة على القماش.” ويقدم جان بيير خوري مجموعته الثانية برؤيته قائلاً:” مجموعتي الثانية، فكانت بمثابة عودة إلى الهدوء، مستوحاة من حقبة “الزهور” في الستينيات. تبنيت الأزهار الناعمة، الأنماط الهندسية، والطاقة المرحة. ومع ذلك، ورغم التحول في المزاج، ظل الجوهر كما هو، يحمل توقيعي الخاص — الأشكال المنسقة، العبارات الجريئة، وهوية مميزة..”

يعتبر الإبداع في مجال الموضة أكثر من مجرد فن، بل هو مسار مستمر من التحدي والنمو. وتُعد الفلسفة التي يتبعها العديد من المصممين ركيزة أساسية لتطوير أعمالهم وتوسيع آفاقهم. ففي حديث مع جان، حيث أشار إلى أن النجاح في هذا المجال لا يعتمد على الأنا، بل على القدرة على التكيف مع التغييرات السريعة في العالم المحيط. قائلاً:” “يجب أن تترك أنانيتك عند الباب لتتمكن من النمو كمصمم. فالإبداع يموت عندما يتسلل الأنا إلى العمل”، قال جان الذي يولي أهمية كبيرة لتطور العقلية. وتابع قائلاً: “العالم يتغير أسرع من أي وقت مضى، والتطور الحقيقي يتطلب عقلاً منفتحاً، وتعلماً مستمراً، وقدرة على التكيف.” من خلال تجربته الشخصية، أكد جان أنه لم يتوقع أبداً أن يصل بعلامته التجارية إلى هذا الحجم من الانتشار العالمي، ومع ذلك ها هو اليوم يحصد ثمار عمله المستمر. “الموضة ليست مجرد فن—إنها أيضاً عمل تجاري. فهم ما تريده النساء، وكيف يشعرن، وكيف يعبرن عن أنفسهن، هو بنفس أهمية الإبداع.” وأضاف: “بالنسبة لي، التطور يعني عدم البقاء في نفس المكان لفترة طويلة. في اللحظة التي تشعر فيها بالراحة مع مهنتك، تتوقف عن دفع الحدود. ولهذا السبب، أتحدى نفسي دائماً للتفكير بطريقة مختلفة، لاكتشاف حرفية جديدة، ولصقل مهاراتي.” هذه الفلسفة العميقة لا تقتصر فقط على التصميم لنفسه، بل تمتد لتشمل جميع جوانب الإبداع.

وتشغل المرأة حيزاً كبيراً في تفكير جان, فأنها الاساس لكل تصميم فان لم تكن مقتنعة بما يقدمه كمصمم أو بما ترتديه فيصعب على الرسالة أن تصل كما يجب وسيبقى التصميم حكاية غامضة, لا يمكن فهم بعض تفاصيلها. وأمراة جان لا تعريف لها لا موصفات معينة لا لون أو عرق فهو يجد أن تعريف عنهن قائلاً:”  “لا أصمم لنفسي فقط—أصمم للنساء اللاتي يرتدن إبداعاتي، أولئك اللاتي يبحثن عن قطع تعكس ثقتهن، قوتهن، وفرديتهن.” فلكل امراة نمط معينا تنقل به صورة تصاميمه بجسدها و تحكي حكاية الفستان بأسلوبها ولكن هذا الأسلوب هو مستوحى من خياله.

You may also like...