في زاوية خفية من أحياء الرياض، حيث يلتقي الفن بالذوق، اكتشفنا مساحة فريدة لا تُشبه شيئًا عرفناه من قبل. حملتنا زيارة مطعم “كيموينا” في تجربة لا تُنسى، حيث لم يكن الطعام وحده هو البطل، بل تجربة بصرية وحسية متكاملة، صمّمها الشاب السعودي المبدع عبد الله العزاز، الذي جمع بين شغفه بالتصوير الفوتوغرافي وحبه للمذاقات الآسيوية في مكان واحد.

عند أول خطوة داخل المكان، يلفتك معرض فني صغير يحيّي الزوار بإبداعات تحاكي روح التصوير بالأبيض والأسود، ثم، ومن خلال باب خفي، تنكشف أمامك أجواء غامضة ودافئة تشبه غرف تحميض الصور القديمة. إنارة خافتة تميل إلى الأحمر، صور معلقة بلمعان الحبر، وأجواء تحمل طابعًا سينمائيًا يوقظ الحواس.

اسم “كيموينا” مستلهم من كلمة يابانية تعني “لا شبيه له”، وهذا تمامًا ما يطمح إليه المطعم في كل تفصيلة من تفاصيله. القائمة مختلفة، مستوحاة من وصفات منسية من دول آسيوية مثل بورما، الصين، إندونيسيا، اليابان، كوريا، تايلند، وفيتنام، وتُقدَّم بأسلوب مبتكر يمزج بين الأصالة والتجديد، مع تقنيات طهو عصرية.

أما مؤسس هذا المكان، عبد الله العزاز، فهو ليس فقط صاحب فكرة، بل قائد مبدع ومُلهم. أطلق مشروع “كيموينا” بعد فترة طويلة من التفكير والتصميم والتطوير، وهو يحمل خلفية مهنية غنية في مجالات التصميم والبناء، حيث يشغل مناصب قيادية في عدد من الشركات المتخصصة، إلى جانب عمله في الاستشارات الدولية بين نيويورك ولندن سابقًا، في مجالات الطاقة. كما يحمل شهادة في الهندسة من جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة، وتخرّج منها عام 2016.

يقول العزاز عن بداية فكرته “كانت نقطة الانطلاق هي الرغبة في خلق شعور بالانتماء. أردت أن أبتكر مساحة يستطيع الناس أن يبتعدوا فيها عن تشتيت الحياة اليومية، ويتفرغوا للحديث واللقاء وسط أجواء دافئة وطعام لذيذ.”: ويضيف:كيموينا يسعى لتقديم أطباق مميزة بنكهات جديدة وغريبة، لكن الأمر لا يقتصر على الطعام فقط. نريد أن نشجع الناس على الخروج، والجلوس مع أحبّائهم، بعيدًا عن زحام الحياة وسرعتها المتزايدة. في زمن ازدادت فيه خيارات الوجبات السريعة والتوصيل، نريد أن نكون مساحة للتأمل، للبطء، وللاستمتاع.”.”

ما يجعل “كيموينا” مختلفًا أيضًا، هو كونه مكانًا خفيًا وسط المدينة، وكأنّه سرّ يعرفه من يملك الذائقة الرفيعة. مدخله غير تقليدي، وتصميمه الداخلي يحتفظ بطابعه الخاص، وكأنك دخلت إلى عالم آخر. وقد عبّر الكثير من الزبائن عن إعجابهم الكبير بهذه التجربة الفريدة، مما جعل المطعم يحظى بقاعدة زبائن متكررة لا تبحث فقط عن الطعام، بل عن الأجواء والإحساس.
كل طبق في “كيموينا” هو قصة، وكل ركن هو مشهد. إنه أكثر من مطعم… إنه تجربة، مزيج بين الفن والطعام، بين الذوق والبصر، بين الأصالة والابتكار.
زيارتنا لـ”كيموينا” لم تكن مجرد وجبة، بل كانت رحلة حسية صنعتها أيادٍ سعودية برؤية عميقة وشغف لا حدود له.
