تحت سماء الرياض، أطلّت دار “قرمز” ضمن أسبوع الأزياء لتروي حكاية “1950” عبر مجموعة استثنائية تحمل في طياتها عبق تاريخ المملكة وسحرها في خمسينيات القرن الماضي. استلهمت الدار هذه المجموعة من رحلة الزمن، لتجسد مرحلة شهدت بروز الهوية السعودية بكل تفاصيلها العميقة والبسيطة.
تمحورت فكرة المجموعة حول تحول المملكة في تلك الحقبة، مستلهمة الزي العسكري التقليدي كرمز للتحديث والتنظيم الذي بدأ في تلك السنوات. اختيار اسم “1950” يعكس ارتباط المصمم عبدالرحمن العابد العاطفي والزمني بتلك الفترة، حيث كانت المملكة تخطو بثبات نحو مستقبل واعد.
تميزت التصاميم بمزج الأناقة مع العمق التراثي، حيث ظهرت الجاكيتات الطويلة والبناطيل ذات القصات الواسعة، إضافة إلى تفاصيل دقيقة مثل الشماغ الذي أعيد تصميمه بشكل عصري. وبهذا استطاعت المجموعة أن تعكس الهوية السعودية بأصالتها وجمالها، لتربط الماضي بالحاضر من خلال أسلوب فني حديث.
اعتمدت المجموعة على لوحة من الألوان المستوحاة من الطبيعة السعودية، حيث برزت تدرجات الرمادي والبني والترابي التي تعكس البيئة المحلية. هذه الألوان تداخلت بانسجام مع تفاصيل مستوحاة من البشت التقليدي، مما أضفى عمقًا آخر على التصاميم وجعلها تجسد روح الأصالة والجمال المتجذر في كل قطعة.
خامة الجوخ كانت العنصر البارز في المجموعة، إذ اختيرت بعناية لتعكس قوة التاريخ وثباته، بفضل ملمسها الصلب ووزنها المتين. أظهر العابد براعة في استخدام هذه الخامة، ليخلق خطوطًا حادة وأنيقة تعبر عن الفخامة والعراقة، مستحضرًا التراث في قالب معاصر.
المجموعة جاءت كقصيدة مرئية تعيد استحضار الماضي ليصبح جزءًا من الحاضر، مما أثار في الجمهور إحساسًا عميقًا بالانتماء والفخر. وبتقديمها لهذه التصاميم، استطاعت “دار قرمز” أن تدمج الأزياء مع الأصالة لتقدم تجربة جمالية تخاطب العيون والقلوب، مؤكدة أن التاريخ يبقى حاضرًا، يتجدد ليستمر كمنارة للأجيال القادمة.
عبدالرحمن العابد، مؤسس العلامة، أكد أن ارتباطه بتلك الفترة الزمنية كان دافعًا لإحياء ذكرياتها من خلال الأزياء. وقد توّجت جهوده الإبداعية مؤخرًا بحصوله على جائزتين عالميتين من “جائزة باريس للتصميم” لعام 2024، في تكريم يعكس ثقافته العميقة وإبداعه في مجالات التصميم والتراث.