قدمت دار جورج حبيقة، ضمن فعاليات أسبوع باريس للموضة، مجموعتها من الازياء الراقية الخاصة بربيع وصيف 2025، التي جاءت بمثابة تكريم لروح السيدة ماري حبيقة، والدة المصمم جورج حبيقة وجدّة ابنه المصمم جاد حبيقة، التي انتقلت إلى رحمة الله في عام 2024. كانت ماري حبيقة تجسّد في حياتها جميع معاني العطاء والحنان، فهي كانت قلب العائلة النابض، والأساس الذي استندت إليه روح المنزل العائلي. علمت جورج فن الخياطة وألهمته بالاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والحرفية الرفيعة، بالإضافة إلى أهمية التطريز الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من فلسفته في التصميم. هذه المبادئ التي غرستها ماري في أبنائها وأحفادها، انتقلت بشكل طبيعي إلى جاد، الذي اليوم يتقاسم مع والده هذه الإرث الذي يبقى حياً في كل قطعة من تصاميمهما.
وفي هذا السياق، جاءت هذه المجموعة لتكون تعبيراً فنيّاً عن حياة السيدة ماري، وتجسد فكرة الموت ليس كخاتمة، بل كنقلة من الظلام إلى النور. بدأ العرض بعرض تصاميم راقية باللون الأسود، وهو اللون الذي ارتبط بالحداد، وكان بمثابة إشارة رمزية للحزن على الفقد. ومع مرور الوقت، ومع تطور العرض، بدأت الألوان تتسلل إلى التصاميم كرمز للحياة التي لا تتوقف رغم الفقدان، حيث تتبع الخسارة أحياناً فرحٌ جديد، وتستمر الحياة رغم كل شيء. ألوان النيود، الأزرق، الأحمر، الأخضر، والوردي، جميعها ظهرت بشكل متوازن، لتُظهر كيف يمكن للحزن أن يتحوّل إلى أمل، وكيف أن الإرث الذي تركته ماري سيظل حاضراً في حياة أحبائها.
وكان من أبرز ما ميّز هذه المجموعة هو التنوع الكبير في الأقمشة والتقنيات المستخدمة، حيث حرص المصمم على اختيار أقمشة مختلفة بعناية فائقة من أجل تقديم تصاميم تنبض بالرفاهية والتفرد. استخدم المصمم أقمشة شفافة مثل التول والدانتيل، إلى جانب الأقمشة اللامعة مثل الترتر، وأدخل فن التطريز في الكثير من القطع، وهو ما أضفى على التصاميم طابعاً فنيّاً رائعاً. كما استخدم الساتان الراقي، والريش في بعض التصميمات، مما أضاف لمسة من الفخامة والتألق.
وعلى الرغم من تنوع الأقمشة وتعدد الخامات، فإن كل قطعة من هذه المجموعة كانت تشترك في السمة العامة التي تتميز بها تصاميم جورج حبيقة، وهي الرقي والدقة العالية في التفاصيل. كل فستان، كل تصميم، كان ينبض بالعمل الحرفي المتقن، الذي يتطلب سنوات من الخبرة والجهد. ما جعل هذه المجموعة أكثر تميزاً هو الجهد الذي بذله المصمم لتسليط الضوء على هذه القيم التي تعلمها من والدته، ليعيد إحياء إرثها من خلال عمله الفني. مجموعة كهذه، تضم العديد من القصات الرائعة والأقمشة الفاخرة، لا يمكن أن تكون مجرد تصاميم، بل هي رسالة حب ووفاء لامرأة كانت حجر الأساس في مسيرة نجاح كبيرة وعمل دؤوب.
تصوير: باتريك صوايا